القرآن معجزة الرسول
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى
آله الطيبين الطاهرين..
وبعـد،
في هذا اليوم المبارك أحب أن أبحث معكم في موضوع، نرى القرآن الكريم
يحرص على ذكره في هذه الأوقات وبمناسبة ذكرى شهر رمضان. فحينما تقرأ القرآن
الكريم، وهو يبحث عن وجوب الصوم، وأنّ الصوم كُتب عليكم كما كُتب على الذين
من قِبلكم، وأنه يجب في أيام معدودات ويعيّن الموعد وهو شهر رمضان، ولا يكتفي
بذكر شهر رمضان، بل يزيد: شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن، يريد أن يوحي الى
المستمعين الى الأمة أنّ هناك ارتباطاً بين الصيام وبين القرآن، لأنّ القرآن
كتاب الهداية وفيه بينّات من الهدى والفرقان.
ثم لعلكم تنتبهون أنّ في أدعية هذا الشهر بعد الصلاة، بعد كل صلاة،
الدعاء النهاري والدعاء الليلي وأدعية هذا الشهر حينما يأتي لفظ شهر رمضان
فوراً يأتي بعده {الذي أُنزل فيه القرآن}. مما يدل على أنّ في هذا الشهر
عناية خاصة بالقرآن الكريم، وأنّ هناك ارتباطاً بين الصيام وبين الهداية
والبيّنات المتمثلة في القرآن الكريم، ثم نرى أنّ قرآن النبي، قرآن الله، هذا
الكتاب نزل في هذا الشهر، ونزول القرآن في هذا الشهر أيضاً يتطلب التفكر في
الأمر.
زائداً على هذا: في أحاديثنا المأثورة، وخاصة في خطبة النبي المعروفة
"أيها الناس قد أقبل عليكم شهر الله" يؤكد النبي في هذه الخطبة، وفي جميع
الروايات والتعاليم المأثورة، يؤكد ويؤكد الأئمة (ع) جميعاً على الإهتمام
بالقرآن وقراءة القرآن وتلاوة آياته والتفكير في معانيه وأمثال ذلك.
هذه المعاني تستدعي البحث في القرآن الكريم، في هذا الشهر لا بد أنكم
تقرأون القرآن بكثرة كما هو وارد، ولكن أحب أن أتكلم اليوم في أصل القرآن
وخلاصة لحالات القرآن، ووضع القرآن.
والحقيقة أنّ القرآن هو أهم شيء في حياة المسلمين على أساس أنّ القرآن
هو معجزة الرسول الباقية، لأنّ معجزات الرسول التي صدرت عنه (ص) في أيام
حياته نحن ما شاهدناه وانقطعنا عنها، ولكن القرآن معجزة باقية مستمرة بين
أيدينا، ولهذا فالقرآن هو السبيل الى النبي والى الإسلام والى الله. القرآن
هو الدليل للوصول الى رسالة الله. ثم إنّ القرآن الكريم، كما سوف أتكلم في
هذا اليوم، هو سبب خلود الإسلام، لو لم يكن القرآن بهذه الكيفية وبهذه اللغة،
لو لم يكن القرآن بألفاظه من وحي الله لما كان الإسلام خالداً أبداً، خلود
الإسلام بالقرآن، كما أنّ أصل الإسلام بالقرآن، وزائداً على هذا وذاك فنحن
حينما نرجع الى الأخبار والى الآيات ونقرأ أوصاف القرآن نتعجب ونهتز ونشعر
بوجوب الإهتمام بالقرآن أكثر فأكثر. فمن صفاته بأنه {لا يأتيه الباطل من بين
يديه ولا من خلفه} (فصلت: 41)، وأنه لا ريب فيه وأنه الفرقان أي الفارق بين
الحق والباطل، وأنّ فيه تبيان كل شيء، لا نمر على هذه الكلمات مروراً عابراً،
فيه تبيان كل شيء، جميع الأشياء مبيّنة بالقرآن الكريم.
ثم روايات وتعاليم واردة عن النبي تؤكد بصورة عجيبة اهتمامنا ولزوم
اهتمامنا بالقرآن فيقول النبي الكريم (ص): "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله
وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلّوا" يعني وراثتنا وتركة نبيّنا في
هذه الأمة. على هذا الأساس نجد أنّ النبي (ص) يؤكد في موضع آخر ويقول: "إذا
التبست عليكم الفتن كغياهب الليل المدلهمّ فعليكم بالقرآن"، ويقول في كثير من
أخباره وآثاره: "مَن جعله [أي مَن جعل القرآن] أمامه ساقه الى الجنة، ومَن
جعله خلفه قاده الى النار". وهكذا أخبار وآثار كثيرة ليس في هذا الوقت مجال
للتحدث عن جميعها، ولكن أحب في هذا اليوم أن أتكلم بعض الشيء في القرآن حتى
يكون عندنا شيء موجز من الإلمام بهذا الكتاب العزيز الذي هو عندنا بعد الله مباشرة. (يتبع )