تابع - القرآن معجزة الرسول (ص) للامام السيد موسى الصدر
فإذاً، القرآن ما أتاه الباطل ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من
خلفه، وقد وعد الله تعالى النبي والأمة: {إنا نحن نزّلنا الذكر وإنا له
لحافظون} (الحجر: 9) هو حفظ هذا القرآن الكريم، وأما جمع القرآن الكريم فكانت
الآيات مجتمعة، وكان مئات من الصحابة يحفظون القرآن فانجمع القرآن في أيام
الخليفة الأول، ثم في أيام الخليفة الثاني، ثم في أيام الخليفة الثالث، جمعوا
القرآن ووضعوه في أربع أو سبع نسخ، ووزعوه على أقطار العالم الإسلامي من دون
زيادة ولا نقيصة ولا تحريف حرف. الأمر ما كان سهلاً حتى يغيّروا ويبدّلوا
وأمام أصحاب النبي (ص) وأمام علي (ع)، لا يمكن تحريف ولا تبديل. ونحن نقرأ
أنّ يوماً من الأيام كان الخليفة عمر بن الخطاب على المنبر فقرأ الآية
الكريمة {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي
الله عنهم ورضوا عنه} (التوبة: 100) قرأ هذه الآية بإسقاط "واو" فقط، يعني
قرأ الآية بهذا الشكل: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين
اتبعوهم بإحسان"، محل {والذين اتبعوهم بإحسان} قال "الذين اتبعوهم بإحسان"،
قام أعرابي من وسط الناس قال له: {والذين اتبعوهم بإحسان} صحح خطأك. فتراجع
الخليفة لأنه كان مخطئاً بهذا التعبير فقال {والذين اتبعوهم بإحسان}، ما تركه
الرجل، أخرج الخنجر وقال: "أقم وإلاّ أقمناك بهذا المعوجّ".
القرآن لا يمكن التلاعب فيه لا بزيادة "واو" ولا نقيصة "واو"، يجب أن
يُحتفظ به، وهكذا احتفظوا بالقرآن.
وأما ما ورد أنّ ابن مسعود مثلاً كان يقرأ "يا أيها الرسول بلّغ ما
أُنزل إليك في حق علي" مثلاً، أما ما ورد أنّ مصحف علي الذي كان يجمعه الإمام
بعد وفاة رسول الله كان فيه أشياء وأشياء. وما ورد من الروايات الواردة في
أنّ القرآن قد نقص منه أو زاد فيه وأمثال ذلك، فهذا على نوعين: نوع هو من دسّ
الإسرائيليين – حسب تعبير فقهائنا – الذين بخلوا وحسدوا وتآمروا على الإسلام
فدسّوا أحاديث في كتب أحاديثنا تدّعي وتقول بتحريف القرآن ونقص القرآن، وقسم
آخر من الأحاديث في الحقيقة أنّ {بلّغ ما أُنزل إليك} كانت في حق علي ليست من
القرآن، وإنما كانت تفسيراً للقرآن. شأن النزول، مورد النزول، توضيحات،
تعليقات، هذه الأشياء كان الإمام جامعها مع القرآن كتفسير للقرآن، كتاريخ
للقرآن، وكان عنده، وهذا هو السبب، وهذه الثروة الكبرى التي كانت للمسلمين
ومع الأسف ما استفادوا منها وبقيت هذه الثروة مخزونة عند آل البيت (سلام الله
عليهم).
فإذاً، القرآن كتاب الله ما زاد ولا نقص، إحتفظت الأمة به وبقي، والله
كما نزّله هو حافظ له. هذا أصل الموضوع.
وأحب أن أذكر هنا بعض النقاط: قلنا إنّ القرآن هو سند صدق النبي،
المعجزة الباقية، كيف عرفنا أنّ القرآن هو المعجزة الباقية؟ وكيف نفهم من طرف
القرآن أنّ النبي كان رسولاً من قِبل الله تعالى؟ هذا له عدة وجوه وعدة أدلة
ليس لنا مجال للتفصيل والبحث وإنما أذكر بعض النقاط.
أولاً: كما تعلمون أنّ القرآن الكريم جاء وكان النبي بين أمّة كانوا
فصحاء بلغاء يعتزون بالفصاحة والبلاغة، ويعرفون شؤون الفصاحة والبلاغة بكل
اهتمام وبكل دقة. وكانوا يعلّقون الأشعار الفاخرة الممتازة على حيطان
"الكعبة"، وكان لهم "سوق عكاظ" يستمعون الى الشعر كما يشترون البضائع، وكان
فصحاء العرب معروفين بين الناس. فالعرب قبل الإسلام كان من ميزتهم أنّ كل فرد
منهم كان نقّاداً للأدب والشعر، والفصاحة في هذه الأمة خصيصة. جاء القرآن ولا
شك أنه صوت جديد فحزنوا وحاربوا وتعقّدوا ووقفوا معارضين وفيهم كبار العرب في
أول الإسلام. وليس لأنهم كانوا غير راضين من الإعتناق وقبول الإسلام بل
للمعجز الذي جاء به. فوقفوا موقف المعارض.
طيب، النبي جاء وجاء بالقرآن وأمامه تقريباً كل العرب معارضين، ثم قال
لهم بتحدٍّ: إن أنتم لا تصدقونني فاتوا بمثله، إئتوا بكتاب مثله، أنتم
الفصحاء، أنتم البلغاء، بينكم الأفاضل والشعراء، إئتوا بمثل القرآن. ثم عاد
وزاد في التحدي وقال: {فأتوا بعشر سور}. لا أريد أن تأتوا بكل القرآن إئتوا
بعشر سور حتى أنا أقبل، حتى أتراجع. ثم زاد في التحدي فقال: {فأتوا بسورة من
مثله} سورة واحدة {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له
كفؤاً أحد} (سورة الإخلاص)، إئتوا بذلك وخلّصوا أنفسكم مني، إذا بإمكانكم أن
تأتوا بسورة من سور القرآن حينئذ أنا أتراجع وأمسك وأنتم تتغلبون عليّ. تصور
أن هناك خصمين، خصم وقف وحده يتحدى، والخصم الثاني جماعة محزونون، يرتكبون كل
شيء، مستعدون أن يبذلوا الغالي والرخيص في سبيل إسكات محمد، يصرفون الأموال
ويبذلون الجهود ويقدّمون العروض تلو العروض لإسكات النبي، والرجل لا يسكت.
وفي هذا الوقت يتحداهم يقول الحكم بيني وبينكم شرط سكوتي إذا تريدون أن أسكت
لستم بحاجة أن تعطوني إمارة الكعبة ومكة كما تقولون، ولا أريد أن تعطوني
أموالاً حتى أكون أغنى منكم، ولا أريد أن تعطوني جاهاً ولا مالاً ولا نساءاً
ولا أي شيء، إئتوا بسورة واحدة، سورة مؤلفة من ثلاث آيات: {والعصر إنّ
الإنسان لفي خسر إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصَوا بالحق وتواصَوا
بالصبر} (سورة العصر)، إئتوا بآية مختصرة، إئتوا بثلاث آيات وأنا أسكت.
أنظر التحدي، تحدٍّ يثير شعور الخصوم ويحرك جميع غرائزهم ويجندهم ويقول
لهم لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله،
التحدي وراء التحدي، يثيرهم. طيب، هل يا ترى القرآن ليس عربياً؟ عربي. هل
القرآن يتكون من حروف غير ألف وباء وجيم وحاء.. ليست هذه الكلمات؟ هذه
الكلمات هل هي مخصوصة بمحمد؟ هي موجودة بيد كل من أفراد الناس، وكل عربي
حينما يتكلم يستعمل هذه الحروف، الحروف الهجائية.
فإذاً، هذا التحدي دليل على أنه لو كان بإمكانهم أن يأتوا بآية واحدة،
كانوا يأتون والقضية ما كانت فوضى لأنه لو كانوا يأتون بآية كانت الآية تُقرأ
وكانت الناس تحكم، ولهذا بعضهم حاول أن يأتي ببعض الآيات، بمجرد ما قرأ صار
الناس يضحكون منه ويصفّرون له ويهزأون به فكان ينسحب من الموضوع.
فإذاً، التحدي وعجز العرب أن يأتوا بمثل القرآن، دليل على أنّ هذا
الكلام ليس مثل سائر الكلمات، كلام الله، وحتى ليس كلام محمد، هو يقول أنا
أمّي قد لبثت فيكم عمراً، أربعون سنة كنت معكم، كنت أحكي مثل هذه الكلمات؟ هل
سمعتم مني نوعاً أو لوناً من هذا الحديث أو مثل هذه الكلمة أو اللون؟ لستم
سامعين مني. فإذاً الكلام ليس كلامي، هو كلام الله.
يتبع
فإذاً، القرآن ما أتاه الباطل ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من
خلفه، وقد وعد الله تعالى النبي والأمة: {إنا نحن نزّلنا الذكر وإنا له
لحافظون} (الحجر: 9) هو حفظ هذا القرآن الكريم، وأما جمع القرآن الكريم فكانت
الآيات مجتمعة، وكان مئات من الصحابة يحفظون القرآن فانجمع القرآن في أيام
الخليفة الأول، ثم في أيام الخليفة الثاني، ثم في أيام الخليفة الثالث، جمعوا
القرآن ووضعوه في أربع أو سبع نسخ، ووزعوه على أقطار العالم الإسلامي من دون
زيادة ولا نقيصة ولا تحريف حرف. الأمر ما كان سهلاً حتى يغيّروا ويبدّلوا
وأمام أصحاب النبي (ص) وأمام علي (ع)، لا يمكن تحريف ولا تبديل. ونحن نقرأ
أنّ يوماً من الأيام كان الخليفة عمر بن الخطاب على المنبر فقرأ الآية
الكريمة {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي
الله عنهم ورضوا عنه} (التوبة: 100) قرأ هذه الآية بإسقاط "واو" فقط، يعني
قرأ الآية بهذا الشكل: "والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين
اتبعوهم بإحسان"، محل {والذين اتبعوهم بإحسان} قال "الذين اتبعوهم بإحسان"،
قام أعرابي من وسط الناس قال له: {والذين اتبعوهم بإحسان} صحح خطأك. فتراجع
الخليفة لأنه كان مخطئاً بهذا التعبير فقال {والذين اتبعوهم بإحسان}، ما تركه
الرجل، أخرج الخنجر وقال: "أقم وإلاّ أقمناك بهذا المعوجّ".
القرآن لا يمكن التلاعب فيه لا بزيادة "واو" ولا نقيصة "واو"، يجب أن
يُحتفظ به، وهكذا احتفظوا بالقرآن.
وأما ما ورد أنّ ابن مسعود مثلاً كان يقرأ "يا أيها الرسول بلّغ ما
أُنزل إليك في حق علي" مثلاً، أما ما ورد أنّ مصحف علي الذي كان يجمعه الإمام
بعد وفاة رسول الله كان فيه أشياء وأشياء. وما ورد من الروايات الواردة في
أنّ القرآن قد نقص منه أو زاد فيه وأمثال ذلك، فهذا على نوعين: نوع هو من دسّ
الإسرائيليين – حسب تعبير فقهائنا – الذين بخلوا وحسدوا وتآمروا على الإسلام
فدسّوا أحاديث في كتب أحاديثنا تدّعي وتقول بتحريف القرآن ونقص القرآن، وقسم
آخر من الأحاديث في الحقيقة أنّ {بلّغ ما أُنزل إليك} كانت في حق علي ليست من
القرآن، وإنما كانت تفسيراً للقرآن. شأن النزول، مورد النزول، توضيحات،
تعليقات، هذه الأشياء كان الإمام جامعها مع القرآن كتفسير للقرآن، كتاريخ
للقرآن، وكان عنده، وهذا هو السبب، وهذه الثروة الكبرى التي كانت للمسلمين
ومع الأسف ما استفادوا منها وبقيت هذه الثروة مخزونة عند آل البيت (سلام الله
عليهم).
فإذاً، القرآن كتاب الله ما زاد ولا نقص، إحتفظت الأمة به وبقي، والله
كما نزّله هو حافظ له. هذا أصل الموضوع.
وأحب أن أذكر هنا بعض النقاط: قلنا إنّ القرآن هو سند صدق النبي،
المعجزة الباقية، كيف عرفنا أنّ القرآن هو المعجزة الباقية؟ وكيف نفهم من طرف
القرآن أنّ النبي كان رسولاً من قِبل الله تعالى؟ هذا له عدة وجوه وعدة أدلة
ليس لنا مجال للتفصيل والبحث وإنما أذكر بعض النقاط.
أولاً: كما تعلمون أنّ القرآن الكريم جاء وكان النبي بين أمّة كانوا
فصحاء بلغاء يعتزون بالفصاحة والبلاغة، ويعرفون شؤون الفصاحة والبلاغة بكل
اهتمام وبكل دقة. وكانوا يعلّقون الأشعار الفاخرة الممتازة على حيطان
"الكعبة"، وكان لهم "سوق عكاظ" يستمعون الى الشعر كما يشترون البضائع، وكان
فصحاء العرب معروفين بين الناس. فالعرب قبل الإسلام كان من ميزتهم أنّ كل فرد
منهم كان نقّاداً للأدب والشعر، والفصاحة في هذه الأمة خصيصة. جاء القرآن ولا
شك أنه صوت جديد فحزنوا وحاربوا وتعقّدوا ووقفوا معارضين وفيهم كبار العرب في
أول الإسلام. وليس لأنهم كانوا غير راضين من الإعتناق وقبول الإسلام بل
للمعجز الذي جاء به. فوقفوا موقف المعارض.
طيب، النبي جاء وجاء بالقرآن وأمامه تقريباً كل العرب معارضين، ثم قال
لهم بتحدٍّ: إن أنتم لا تصدقونني فاتوا بمثله، إئتوا بكتاب مثله، أنتم
الفصحاء، أنتم البلغاء، بينكم الأفاضل والشعراء، إئتوا بمثل القرآن. ثم عاد
وزاد في التحدي وقال: {فأتوا بعشر سور}. لا أريد أن تأتوا بكل القرآن إئتوا
بعشر سور حتى أنا أقبل، حتى أتراجع. ثم زاد في التحدي فقال: {فأتوا بسورة من
مثله} سورة واحدة {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له
كفؤاً أحد} (سورة الإخلاص)، إئتوا بذلك وخلّصوا أنفسكم مني، إذا بإمكانكم أن
تأتوا بسورة من سور القرآن حينئذ أنا أتراجع وأمسك وأنتم تتغلبون عليّ. تصور
أن هناك خصمين، خصم وقف وحده يتحدى، والخصم الثاني جماعة محزونون، يرتكبون كل
شيء، مستعدون أن يبذلوا الغالي والرخيص في سبيل إسكات محمد، يصرفون الأموال
ويبذلون الجهود ويقدّمون العروض تلو العروض لإسكات النبي، والرجل لا يسكت.
وفي هذا الوقت يتحداهم يقول الحكم بيني وبينكم شرط سكوتي إذا تريدون أن أسكت
لستم بحاجة أن تعطوني إمارة الكعبة ومكة كما تقولون، ولا أريد أن تعطوني
أموالاً حتى أكون أغنى منكم، ولا أريد أن تعطوني جاهاً ولا مالاً ولا نساءاً
ولا أي شيء، إئتوا بسورة واحدة، سورة مؤلفة من ثلاث آيات: {والعصر إنّ
الإنسان لفي خسر إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصَوا بالحق وتواصَوا
بالصبر} (سورة العصر)، إئتوا بآية مختصرة، إئتوا بثلاث آيات وأنا أسكت.
أنظر التحدي، تحدٍّ يثير شعور الخصوم ويحرك جميع غرائزهم ويجندهم ويقول
لهم لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله،
التحدي وراء التحدي، يثيرهم. طيب، هل يا ترى القرآن ليس عربياً؟ عربي. هل
القرآن يتكون من حروف غير ألف وباء وجيم وحاء.. ليست هذه الكلمات؟ هذه
الكلمات هل هي مخصوصة بمحمد؟ هي موجودة بيد كل من أفراد الناس، وكل عربي
حينما يتكلم يستعمل هذه الحروف، الحروف الهجائية.
فإذاً، هذا التحدي دليل على أنه لو كان بإمكانهم أن يأتوا بآية واحدة،
كانوا يأتون والقضية ما كانت فوضى لأنه لو كانوا يأتون بآية كانت الآية تُقرأ
وكانت الناس تحكم، ولهذا بعضهم حاول أن يأتي ببعض الآيات، بمجرد ما قرأ صار
الناس يضحكون منه ويصفّرون له ويهزأون به فكان ينسحب من الموضوع.
فإذاً، التحدي وعجز العرب أن يأتوا بمثل القرآن، دليل على أنّ هذا
الكلام ليس مثل سائر الكلمات، كلام الله، وحتى ليس كلام محمد، هو يقول أنا
أمّي قد لبثت فيكم عمراً، أربعون سنة كنت معكم، كنت أحكي مثل هذه الكلمات؟ هل
سمعتم مني نوعاً أو لوناً من هذا الحديث أو مثل هذه الكلمة أو اللون؟ لستم
سامعين مني. فإذاً الكلام ليس كلامي، هو كلام الله.
يتبع