وهكذا، نصل الى مفهوم الإعجاز في القرآن الكريم. والإعجاز لا ينتهي عند
عصر النبي، التحدي باقٍ على طول الطريق. الآن، بعد النبي ألسنا عرباً وفينا
فصحاء وأدباء وبلغاء؟ كلهم مسلمون؟ لا. هناك أنواع وأقسام من الأديان
والمذاهب من العرب وتحدي القرآن لا يزال موجوداً، لا يزال القرآن يقول: {لئن
اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله}. أيها
الفصحاء، أيها الشعراء، أيها البلغاء، من المسلمين ومن غير المسلمين، إذا
تريدون أن تكذّبوا الإسلام وتكذّبوا القرآن لا تُتعبوا حالكم، إئتوا بسورة
واحدة تكفي، لا نجد. هذا دليل على دليل على أنّ هذا الكتاب من جنس آخر، نسيج
وحده، ليس مثله شيء ولا يتمكن أحد أن يأتي بمثله.
ثم بعد هذا الجانب الفصاحي البلاغي يوجد هناك جوانب ثانية، فالقرآن
يخبر عن الغيب {غُلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غَلَبهم سيغلبون في بضع
سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون} (الروم: 2-4). هذه
الآية نزلت في مكة حينما غلب الفرس الملحدون، غلبوا الروم المسيحيين
المؤمنين. كفار قريش في مكة استأنسوا لأنهم كانوا يرَون أنفسهم مرتبطين
بالملحدين، وكانوا يعتبرون المسلمين مرتبطين بالمسيحيين لأنهم مؤمنون بالله.
فالقرآن الكريم يقول {غُلبت الروم في أدنى الأرض}، صحيح أنّ الفرس غلبوا
الروم في الشام، في أدنى الأرض، ولكنهم من بعد غَلَبهم سيغلبون في بضع سنين،
أقل من تسع سنوات سوف يغلب الروم الفرس، وهكذا صار.
الآية كانت موجودة بيد الناس ومعروضة على أذهان الناس، وكان العالم
ينتظر وقوع هذه المعجزة التي أخبر عنها القرآن الكريم، وبالفعل صار، وتمكن
الروم أن يدخلوا ويحتلوا عاصمة الفرس "المدائن" ودخلوا في قصور الملوك بالخيل
وربطوا خيولهم في قصور الملوك {ويومئذ يفرح المؤمنون} (الروم: 4). إخبار
بالغيب.
ثم إذا نريد نستعرض المعجزات الواردة في الآيات القرآنية، وإن ليس فيها
أي شيء يتنافى مع العلم الحديث، بل تنطبق آراء القرآن واكتشافات القرآن على
أحدث النظريات العلمية التي كانت مخفية في أيام الرسول الأكرم، نخضع ونذعن
لإعجاز القرآن. فترى القرآن الكريم في باب الهيئة والفلكيات لا يتأثر أبداً
بالهيئة "البطليموسية" وبحركة الشمس حول الأرض، لا يعترف بهذا وإنما يقول ما
يعترف به العلم الحديث. وفي حقل العلوم والأفلاك والصناعات وعلم الإجتماع،
وهذا بحث طويل بحاجة الى وقت آخر للتحدث فيه.
أذكر لكم مثالاً تاريخياً، يتناسب مع كسل الصائمين، حتى أُرجع إقبالكم
على الحديث وندخل في النتيجة التربوية من هذا البحث الطويل.
في سورة "يوسف" (ع) ترى أنّ القرآن الكريم يقول ويعبّر عن حاكـم مصـر
بـ"العزيز"، إمرأة العزيز، العزيز. هنا تساؤل: إنّ القرآن الكريم لماذا يعبّر
عن فرعون مصر أو ملك مصر بكلمة "العزيز"؟ إما تقول ملك، أو تقول فرعون كما
كانوا يسمون أنفسهم، ما السبب؟ لا أحد كان يعرف، لماذا؟ لأنّ حضارة الفراعنة
اندملت تحت الرمال قبل النبي بألف سنة، وبقيت الحضارة الفرعونية مختبئة
ومختفية تحت الرمال بعد النبي أيضاً بألف سنة، ما كان أحد يعرف عن الفراعنة
شيئاً إلاّ ما ورد عن طريق "التوراة" أو عن طريق بعض الأساطير المنقولة من
شخص الى شخص، وما كان أحد يعرف ماذا جرى في التاريخ الفرعوني القديم. بعد ألف
سنة من قول هذه الكلمة "العزيز" جاء رجل مستشرق وتمكن أن يقرأ الخطوط المصرية
القديمة، الخطوط "الهيروغليفية" ثم تمكن أن يكتشف الأهرام ودخل في الأهرام ثم
تمكن من أن يكتشف، لأنّ المفتاح صار بيده، إكتشف قبور الفراعنة القدامى
واكتشفوا أجساد الفراعنة المحنطة التي هي موجودة اليوم في متحف بالقاهرة،
وبعد هذا تبيّن من الآثار تاريخ الفراعنة بصورة تفصيلية، وعرفوا أنّ هذا
الشخص الملك المعاصر لـ"يوسف" (ع) هذا الرجل غيّر دين آبائه وآمن بإله الشمس
وسمى نفسه "كوتيفورو". يعني عزيز إله الشمس، نعم جاء القرآن الذي لا يعترف
بإله الشمس فحذف المضاف إليه ووضع كلمة "الـ" محل المضاف إليه بالتعبير
العربي وقال "العزيز". وهنا نصل الى أنّ القرآن الذي كان زمانه منقطعاً عن
تاريخ الفراعنة عرف شيئاً ما عرفه الإنسان قبله بألف سنة وبعده بألف سنة.
هل هذا شيء فكري حتى نبوغ محمد يكتشفه؟ لا يمكن إلاّ أن يكون من وحي
الله، ومن عناية الله.
موضوع ثانٍ: أجساد الفراعنة اكتُشفت، ووجدوا أنّ جميع جثث الفراعنة
موجودة يعني ليس هنالك فرعون غريق، أين الفرعون الغريق؟
يا إخوان، أيها المؤمنون، وفرعون موسى غرق في البحر الأحمر، في بحر
"قلزم" أليس كذلك؟ كيف الأجساد موجودة؟ هذا الأب وهذا جده وهذا جده كلهم
موجودون، والذي صار؟ التوراة تقف، نرجع للقرآن الكريم فنرى الآية الكريمة
{فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية} (يونس: 92) يعني القرآن الكريم يعرف
عن طريق الوحي وعن طريق الله أنّ جسد فرعون خرج وما غرق، ولهذا موجود. وهكذا
نرى أنّ في القرآن من الأمور العلمية والإجتماعية والتاريخية والفلسفية
والثقافية في جميع الحقول بإمكانك أن تكتشف ما يتجاوز طاقة البشر وتفكير
الإنسان، فالقرآن معجزة، معجزة خالدة.
عصر النبي، التحدي باقٍ على طول الطريق. الآن، بعد النبي ألسنا عرباً وفينا
فصحاء وأدباء وبلغاء؟ كلهم مسلمون؟ لا. هناك أنواع وأقسام من الأديان
والمذاهب من العرب وتحدي القرآن لا يزال موجوداً، لا يزال القرآن يقول: {لئن
اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله}. أيها
الفصحاء، أيها الشعراء، أيها البلغاء، من المسلمين ومن غير المسلمين، إذا
تريدون أن تكذّبوا الإسلام وتكذّبوا القرآن لا تُتعبوا حالكم، إئتوا بسورة
واحدة تكفي، لا نجد. هذا دليل على دليل على أنّ هذا الكتاب من جنس آخر، نسيج
وحده، ليس مثله شيء ولا يتمكن أحد أن يأتي بمثله.
ثم بعد هذا الجانب الفصاحي البلاغي يوجد هناك جوانب ثانية، فالقرآن
يخبر عن الغيب {غُلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غَلَبهم سيغلبون في بضع
سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون} (الروم: 2-4). هذه
الآية نزلت في مكة حينما غلب الفرس الملحدون، غلبوا الروم المسيحيين
المؤمنين. كفار قريش في مكة استأنسوا لأنهم كانوا يرَون أنفسهم مرتبطين
بالملحدين، وكانوا يعتبرون المسلمين مرتبطين بالمسيحيين لأنهم مؤمنون بالله.
فالقرآن الكريم يقول {غُلبت الروم في أدنى الأرض}، صحيح أنّ الفرس غلبوا
الروم في الشام، في أدنى الأرض، ولكنهم من بعد غَلَبهم سيغلبون في بضع سنين،
أقل من تسع سنوات سوف يغلب الروم الفرس، وهكذا صار.
الآية كانت موجودة بيد الناس ومعروضة على أذهان الناس، وكان العالم
ينتظر وقوع هذه المعجزة التي أخبر عنها القرآن الكريم، وبالفعل صار، وتمكن
الروم أن يدخلوا ويحتلوا عاصمة الفرس "المدائن" ودخلوا في قصور الملوك بالخيل
وربطوا خيولهم في قصور الملوك {ويومئذ يفرح المؤمنون} (الروم: 4). إخبار
بالغيب.
ثم إذا نريد نستعرض المعجزات الواردة في الآيات القرآنية، وإن ليس فيها
أي شيء يتنافى مع العلم الحديث، بل تنطبق آراء القرآن واكتشافات القرآن على
أحدث النظريات العلمية التي كانت مخفية في أيام الرسول الأكرم، نخضع ونذعن
لإعجاز القرآن. فترى القرآن الكريم في باب الهيئة والفلكيات لا يتأثر أبداً
بالهيئة "البطليموسية" وبحركة الشمس حول الأرض، لا يعترف بهذا وإنما يقول ما
يعترف به العلم الحديث. وفي حقل العلوم والأفلاك والصناعات وعلم الإجتماع،
وهذا بحث طويل بحاجة الى وقت آخر للتحدث فيه.
أذكر لكم مثالاً تاريخياً، يتناسب مع كسل الصائمين، حتى أُرجع إقبالكم
على الحديث وندخل في النتيجة التربوية من هذا البحث الطويل.
في سورة "يوسف" (ع) ترى أنّ القرآن الكريم يقول ويعبّر عن حاكـم مصـر
بـ"العزيز"، إمرأة العزيز، العزيز. هنا تساؤل: إنّ القرآن الكريم لماذا يعبّر
عن فرعون مصر أو ملك مصر بكلمة "العزيز"؟ إما تقول ملك، أو تقول فرعون كما
كانوا يسمون أنفسهم، ما السبب؟ لا أحد كان يعرف، لماذا؟ لأنّ حضارة الفراعنة
اندملت تحت الرمال قبل النبي بألف سنة، وبقيت الحضارة الفرعونية مختبئة
ومختفية تحت الرمال بعد النبي أيضاً بألف سنة، ما كان أحد يعرف عن الفراعنة
شيئاً إلاّ ما ورد عن طريق "التوراة" أو عن طريق بعض الأساطير المنقولة من
شخص الى شخص، وما كان أحد يعرف ماذا جرى في التاريخ الفرعوني القديم. بعد ألف
سنة من قول هذه الكلمة "العزيز" جاء رجل مستشرق وتمكن أن يقرأ الخطوط المصرية
القديمة، الخطوط "الهيروغليفية" ثم تمكن أن يكتشف الأهرام ودخل في الأهرام ثم
تمكن من أن يكتشف، لأنّ المفتاح صار بيده، إكتشف قبور الفراعنة القدامى
واكتشفوا أجساد الفراعنة المحنطة التي هي موجودة اليوم في متحف بالقاهرة،
وبعد هذا تبيّن من الآثار تاريخ الفراعنة بصورة تفصيلية، وعرفوا أنّ هذا
الشخص الملك المعاصر لـ"يوسف" (ع) هذا الرجل غيّر دين آبائه وآمن بإله الشمس
وسمى نفسه "كوتيفورو". يعني عزيز إله الشمس، نعم جاء القرآن الذي لا يعترف
بإله الشمس فحذف المضاف إليه ووضع كلمة "الـ" محل المضاف إليه بالتعبير
العربي وقال "العزيز". وهنا نصل الى أنّ القرآن الذي كان زمانه منقطعاً عن
تاريخ الفراعنة عرف شيئاً ما عرفه الإنسان قبله بألف سنة وبعده بألف سنة.
هل هذا شيء فكري حتى نبوغ محمد يكتشفه؟ لا يمكن إلاّ أن يكون من وحي
الله، ومن عناية الله.
موضوع ثانٍ: أجساد الفراعنة اكتُشفت، ووجدوا أنّ جميع جثث الفراعنة
موجودة يعني ليس هنالك فرعون غريق، أين الفرعون الغريق؟
يا إخوان، أيها المؤمنون، وفرعون موسى غرق في البحر الأحمر، في بحر
"قلزم" أليس كذلك؟ كيف الأجساد موجودة؟ هذا الأب وهذا جده وهذا جده كلهم
موجودون، والذي صار؟ التوراة تقف، نرجع للقرآن الكريم فنرى الآية الكريمة
{فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية} (يونس: 92) يعني القرآن الكريم يعرف
عن طريق الوحي وعن طريق الله أنّ جسد فرعون خرج وما غرق، ولهذا موجود. وهكذا
نرى أنّ في القرآن من الأمور العلمية والإجتماعية والتاريخية والفلسفية
والثقافية في جميع الحقول بإمكانك أن تكتشف ما يتجاوز طاقة البشر وتفكير
الإنسان، فالقرآن معجزة، معجزة خالدة.